الرهان على وعى الشعوب رهان خاسر
بعد تصاعد أعداد الوفيات خلال الأيام الثلاثة الماضية إلى مايزيد عن ٢٠ حالة وفاة يوميا، وزيادة أعداد المصابين لتقترب من رقم ٤٠٠ مصاب يوميا، ينبغى على هذا الشعب أن يتحمل مسئوليته كاملة، ويجب أيضا أن تتحمل الدولة مسئوليتها فى هذا الشأن، فلا يمكننا الإستمرار فى الرهان على وعى الشعب، وهو ماحذر منه كل الخبراء على مدى الأسابيع الماضية.
عدد المصابين لا يقلقنى فأنا وغيرى نعرف أنه ليس العدد الحقيقى للمصابين،لأن عدد المصابين أكثر من ذلك كثيرا، فهذا العدد لا يمثل إلا عدد الأشخاص الذين يتقدمون طوعا منهم لإجراء الفحص عند شعورهم بأعراض المرض، لكن هناك الكثير غيرهم من أصيب بالفيروس ولم يقم بالتحاليل اللازمة، وكانت إصابته خفيفه وتم علاجه بالمنزل، ولكن لو توسعنا فى الفحوصات كما تفعل أغلب الدول المتقدمة فسوف تكون أعداد المصابين أضعاف أضعاف هذا الرقم.
الرهان على وعى الشعوب رهان خاسر |
الأول أن البعض يعتقد أن ما أصابه مجرد نزلة برد عادية وكلنا محترفى التداوى داخل المنزل، وأخذ الدواء دون إستشارة طبية، ثم يفاجأ بعد تدهور حالته أنه مصاب بالفيروس.
الثانى هو ذهاب البعض للأطباء فى العيادات الخاصة أو فى المستشفيات الخاصة، ونظرا لعدم خبرتهم بالفيروس فإنه يتم التشخيص الخاطئ على أنها أنفلونزا عادية أو إلتهاب رئوى ويتم العلاج بالمضادات العادية التى تزيد الحالة وتدفعها للتدهور وعند إكتشاف ذلك تكون فرصة العلاج قد إنتهت وتمكن الفيروس من الرئة.
الثالث هو أن البعض يخاف أن يذهب للمستشفيات المتخصصة كالحميات أو الصدر وخصوصا إذا كان حوله مخالطين يخاف عليهم من البهدلة والعزل وكافة الإجراءات الأخرى، والتى يعتبرها البعض من الجهلة مقيدة للحرية وفضيحة له ولأفراد أسرته وكل من تعامل معه.
فهل يجوز لنا الرهان على وعى الشعوب فى هذه الحالة؟ بالتأكيد الإجابة بالنفى فكيف نراهن على وعى شعب قام بمظاهرة للتنديد بالفيروس رغم حظر التجمعات! وكيف نراهن على وعى شعب صنع مجسما للكعبة ليطوف به الناس إشتياقا للمسجد الحرام! وكيف نراهن على شعب أقام الأفراح والليالى الملاح فى الأزقة والطرقات! وكيف نراهن على وعى شعب نزل بعشرات الآلاف للعتبة والموسكى وبين السورين، وبمئات الآلاف فى أسواق عشوائية فى كل المحافظات، فى الوقت الذى بدت فيه عواصم العالم كأنها مدن للأشباح، وكأن الفيروس ينام نهارا ويصحو ليلا.
كيف لنا أن نراهن على شعب يلتقى بعضه بالأحضان والقبلات، ويذهب الى القهاوى والكافيتريات، ويدخن الشيشة، وكأن شيئا لم يكن.
للأسف كثير منا لا يلتزم بالإجراءات الإحترازية المطلوبة كالنظافة الشخصية، وغسل الأيدى بإستمرارأ وإرتداء الكمامات، والتباعد الإجتماعى، رغم أنها كلها إجراءات الهدف منها الحد من إنتشار الفيروس.
الرهان على وعى الشعب رهان خاسر فالشعب يتصرف وكأن شيئا لم يكن، ولو إستمرينا بهذه الطريقة فأخشى ماأخشاه أن يرتفع حجم المصابين لما فوق قدرات المنظومة الصحية، التى هى متهالكة بالأصل منذ زمن بعيد.